هوس

استلقى على الاريكة .. أخذ نفسا طويلا و بدأ يحدث دكتور الأمراض النفسية
...
دكتورأنا مصاب بمرض السرقة منذ صغرى ..سرقت أقلام زملائي في المدرسة .. سرقت نصيب اخوتي في الميراث .. سرقت شركائي في العمل . حتى السائق لم يسلم مني فقد سرقت ولاعته. و الخادمة كذلك ..صارت السرقة هوسا يادكتور
المصيبة أنني بالأمس كسرت قفل باب مكتبي و كان المفتاح في جيببي .. حملت بعض الأغراض الثنينة ثم لذت بالفرار

هوس السرقة هو اضطراب نفسي يشعر فيه الشخص
برغبة جامحة لا تقاوم في سرقة الأشياء التي لا يحتاج إليها
ورغم شعوره بالقلق والخوف عند ظهور الرغبة في السرقة
فإنه يشعر بالمتعة والرضا أثناء ارتكابه للسرقة
ثم ينتابه الشعور بالذنب والندم والخجل من نفسه والخوف من أن يكتشف
ولكن ذلك لا يمنعه من أن يكرر فعلته من جديد
وقد بلغ هوس صاحبنا الذروة حتى إنه سرق نفسه ـ كسر قفل الباب
وحمل بعض الأغراض الثمينة ، ثم لاذ بالفرار.
أقصوصة ظريفة تعرضت فيها لمرض نفسي معروف لا يستطيع صاحبه
أن يتحكم في رغبته الجامحة في سرقة الأشياء.
يوركت ـ وسلمت يداك.

"هوس" التقط ببراعة مفارقة الإنسان حين يُصبح أسيرَ نزواته،
يتسلل السلوك إلى ذاته حتى يُصبح طبعًا لا خلاص منه.
الدهشة هنا ليست في فعل السرقة، بل في صدق البوح وجرأة الاعتراف،
وكأن البطل يسرق حتى من نفسه مبرراتٍ جديدة ليستمرّ في الدور ذاته.
اللغة سلسة مشحونة بإيحاءٍ ساخرٍ ذكي،
تحمل القارئ إلى عمق مأساة إنسانٍ يعرف خطأه ولا يقوى على الفكاك منه،
فتتحول القصة القصيرة جدًا إلى مرآةٍ مكثفة لضعف الإنسان وتناقضاته.
ومضة موفقة في فكرتها، محكمة في بنائها، تجعل القارئ يبتسم بأسى، ويصفق للفكرة قبل أن يلتقط أنفاسه.
دمتَ متألقًا ومبدعًا اديبنا الفاضل كما عهدناك
تحياتي