اصطفى الله نبيه موسى بن عمران،
وأيده بهارون، سندًا وأمانًا،
يحملان نور التوحيد والإيمان،
فما مالوا، كفرعون طغى عدوانًا.
ثابر النبيون في الدعوة،
فآمن من هدى، وعصى من بغا،
جاءت آيات الله يدًا وعصا،
فسجد من ظلّ، والسحرة،
وتكبر اتباع الكفر، كفرعون الذي طغا.
هلك الطاغية، وبقي الداعي،
غاص من طغى، وسلم من دعا،
ابتلع البحر فرعون بعد أن انفلق،
ونجا موسى، والبحر قد انغلق.
لما انفلق البحر طائعًا
بأمر ربه، ولعصا موسى طيّعًا،
انقسم طودان بمياه راحمة،
إعجاز ربٍّ، وهدى للقلوب الهائمة،
فارتعد الجبار، وكان في قدره خاضعًا،
آمن بالله، ومات ذليلًا خنوعًا،
رفض الله إيمان نفس هلوعًا،
عبرة لمن تحدى قدرة الله، والخاتمة.
قال عز وجل:
"فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين" (90)
"آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين" (91)
"فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون" (92)
هكذا انتصر الحق على الباطل،
وبدأت رحلة جديدة لقوم بني إسرائيل،
ونبيهم موسى وردئه النبي هارون.
مضى موسى وقومه إلى غايتهم،
فوجدوا قوما آلهتهم أصنامًا،
فأراد القوم طوعًا اتباعهم،
فنهاهم النبي دعوةً وإيمانًا،
إن ربكم الله من أنجاكم.
استخلف فيهم النبي هارون ومضى،
نحو جبل سيناء الملتقى.
كلّم الله موسى من وراء الحجاب،
فناجى النبي الرؤيا بصدق الخطاب،
تجلّى الجليل على الجبل فارتجف،
فاندكّ تسبيحًا لرب الأرباب.
وكان الجواب من العظيم الحق،
لطلب موسى، فتغشّى بالصعق.
قال عز وجل:
«وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرْ إِلَى ٱلْجَبَلِ فَإِنِ ٱسْتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوْفَ تَرَىٰنِى ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكًّا وَّخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا»
(سورة الأعراف، الآية 143)
لما أفاق موسى من غشيته،
استحضر آية الله وعظمته،
فخر لربه بصدق توبته،
عفا الله عنه لطهر نيته،
وأتاه بالألواح رسالته،
وصايا ومواعظ من الإله تنزيلاً،
فكان موسى لربه شكورًا جزيلاً.
قال تعالى:
﴿وَكَتَبْنَا لَهُۥ فِى ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَىۡءٍۢ مَّوۡعِظَةًۭ وَتَفۡصِيلًۭا لِّكُلِّ شَىۡءٍۢ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٍۢ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَا﴾
(سورة الأعراف، الآية 145)
ترك موسى قومه على دين الله،
وأوكل أمرهم هارون فأوصدوا،
اتبعوا السامري، وساروا طريقه،
لما رجع موسى، خاب ما رآه،
عجل من حُليٍّ له القوم تعبدوا.
غضب النبي ورمى الألواح،
معاتبًا أخاه بصياح،
تركت القوم مع الأخ الحكيم،
يوحدون لله الرب العليم،
أراهم الآن في ضلال الوثن.
أجاب الأخ بإيضاح،
نهيتهم، وخفت على القوم الفتن.
أحرق النبي العجل، ونسفه،
سأل صانعه، ووعده،
العذاب في الدنيا، وآخرته.
قال تعالى:
**﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِى ٱلْيَمِّ نَسْفًا﴾
[طه، 97]
ومضى موسى يهديهم لسبيل قويم،
يذكرهم بالله والنهج السليم،
فجاءتهم آيات بعد آيات،
لعلّ قلوبهم ترضخ للبينات.
قال تعالى:
"ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات"
(الإسراء: 101)
آمن من آمن،
وعصى من عصى،
تَبَّتْ موسى هُدًى للناس،
يعظ من صلح قلبه ومن قسى،
ناصحًا لهم، وألواحُه قانون،
صابرًا عليهم حتى يهتدون.
يتيع